Review: المشوق إلى القرآن
المشوق إلى القرآن by عمرو الشرقاويMy rating: 5 of 5 stars
المشوق إلى القرآن/ عمرو الشرقاوي
مركز تفكر للبحوث والدراسات – مصر – الطبعة الأولى – (1436هـ/2015م).
الكتاب يقع في 176 صفحة
• للكتاب حظٌ من اسمه: من توفيق الله للمرء أن يهديه لكتابة كلمات تنفع الإسلام والمسلمين، وزيادة في التوفيق أن يُلهم الله المؤلف اسمًا يجمع تحته خلاصة خواطره وبحثه، ويكون للكتاب حقًا حظًا وفيرًا من اسمه، إن كنت مشتاقًا لكلام الله فقد أصبت غايتك وبُغيتك، وإن كان الران قد أصابك بالجحود، ففي هذا الكتاب سبيل أوبتك.
• (عمرو الشرقاوي)، باحث مصري في مجال علم التفسير وعلوم القرآن، (مرحلة الماجستير)، شارك في عدد من الأعمال العلمية المنشورة، كما أن له مقالات عديدة في علوم القرآن، وكتابنا هذا هو أول كتاب مطبوع له.
• ينقسم الكتاب إلى أوراق منفصلة، بعضها وليد خاطرة، وبعضها الآخر وليد بحث، يقول المؤلف في مقدمته واصفًا كتابه: " هذه رسالة إلى كل محب للكتاب ليزداد حبًا، وإلى كل مبتعد ليزداد قربًا "، هذه الأوراق فصول صغيرة الحجم لطيفة العبارة، عناوينها مميزة، فتجد فصل عنوانه: (تعاهدوا القرآن)، وآخر بعنوان (من أراد العلم.. فليثور القرآن)، وآخر بعنوان (لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام الله)...
• (وإنّه لكتاب عزيز): بداية موفقة لكتاب يشوّقك إلى القرآن، قصة توبة (الفضيل بن عياض) ومصاحبته للقرآن، حديث رقيق طيب عن الوحي، وحقيقة الوحي وصفته، يقتبس في هذا الفصل قدرًا من حديث الشيخ (فريد الأنصاري) رحمه الله في كتابه (هذه رسالات القرآن)، وهو اقتباس كبير نوعًا ما وإن كان قد جاء في سياقه.
• (مقدمات أساسية في تاريخ القرآن العزيز): يقول المؤلف عن هذا الفصل: "هو عبارة عن مقدمات وصفية لتاريخ القرآن المجيد، هدفها كسر قشرة عدم التصور لمرحلة نقل القرآن المجيد، إلى عصر استقرار القراءات"، وهم سبع مقدمات مختصرة.
• في المقدمة الأولى يُعرِّف المؤلف القرآن، وذكر الفروق بين القرآن وغيره من الكتب، ثم تحدّث في المقدمة الثانية والثالثة عن القرآن الكريم في العهد المكي ثم في العهد المدني، وذكر أيضًا مظاهر الاعتناء النبوي بإيصال القرآن إلى الصحابة.
• في المقدمة الرابعة ذكر المؤلف قصة جمع القرآن في عهد الصديق رضي الله عنه، والفرق بين القصد من الجمع، وأن الأصل في التلقي المشافهة والأخذ من صدور الرجال.
• في المقدمة الخامسة ذكر المؤلف الخلاف الذي حدث حول القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه، وأسباب هذا الخلاف، ونبّه المؤلف هنا على مساءل هامة مازال البعض يُناقشها كموضع للخلاف في زماننا هذا.
• أما المقدمة السادسة، فهي ما بعد جمع عثمان رضي الله عنه، وإرسال المصاحف إلى الأقطار، وظهور المختصون بالإقراء.
• المقدمة السابعة والأخيرة، قواعد عامة نبّه إليها المؤلف، وهي أيضًا من المساءل الهامة التي ينبغي أن يتنبّه إليها المسلم عامة، والمتصدّر بشكل خاص.
• (قبل البدء! تداوي.. طب مجرب، وطبيب خريت!): يبدأ المؤلف هذا الفصل بنصيحة توزن بالذهب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وأخرى من الإمام الغزالي، يخبرنا حديثه هنا عن معنى الإكثار من ذكر الشيء ولو تكلفًا حتى يحبه المرء، المداومة على المكابدة التي تورث التنعيم بعد الأنس والحب، ثم ختامًا حديث ابن القيم عن معادلة الانتفاع والتذكر بالقرآن والتي تتم للمسلم بحصول المؤثر وهو القرآن والمحل القابل وهو القلب الحي، ووجود الشرط وهو الإصغاء، وانتفاء المانع من اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب.
• (تعاهدوا القرآن): الاستمساك بالكتاب، والحث بالتعاهد، وأدلة ذلك من الكتاب والسُنّة، وفضل الإقبال على كتاب الله، وأن تكون من أهل الله وخاصته، وشفاعة القرآن لأصحابه، لقد أتي المؤلف بأحاديث كثيرة في هذا الباب فكفى وأوفى، فجاء كل ذلك في باب حث النبي صلى الله عليه وسلّم على المداومة على قراءة القرآن، والحضّ على تعاهده، وإشارة المؤلف هنا مهمة لأسلوب النبي صلى الله عليه وسلّم التربوي الفريد في توجيه اهتمام الصحابة إلى الكنز الحقيقي بين أيديهم ألا وهو القرآن الكريم.
• معارضة الملك!: يقصد بها مدارسة جبريل عليه السلام القرآن مع النبي صلى الله عليه وسلّم، وأنه يُستفاد من هذا الأمر أن تكون هناك معارضة سنوية للحافظ على مشايخه المتقنين، أو بحسب حال الطالب.
• قراءة الحزب: المقصود بالحزب، وكيفية التحزيب، وأنواع الأوراد، وأدلة كل ذلك من السنة وأفعال الصحابة، والمشهور من التحزيب عند القراء.
• قراءة الصلاة، والقيام بالكتاب: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلّم يتعاهد القرآن الكريم في الصلاة المفروضة وفي قيام الليل، والقيام بالمحفوظ من القرآن في الليل هو من أفضل طرق المعاهدة التي ينبغي لحافظ القرآن الاعتناء بها.
• التعاهد العام حضرًا وسفرًا: حرصه صلى الله عليه وسلم على تعاهد القرآن حرصا جليًا في حضره وسفره، حتى على ظهر دابته.
• (وأن أتلو القرآن!): تلاوة القرآن، الوظيفة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلّم، التلاوة التي تبعث في قلبك نورا، التلاوة التي تمدك بالحياة، التلاوة التي تغمرك بالجمال، طريقك إلى التجارة الرابحة، يتحدّث المؤلف عن التلاوة والمقصود بالتلاوة الحقيقية، والمقصود بالتلاوة بمنهج التلقي.
• (من أراد العلم.. فليثور القرآن): يُعرِّفنا المؤلف على مصطلح (تثوير القرآن)، وحال السلف معه، والمقصود به عند العلماء، ويخلص المؤلف إلى كون تثوير القرآن هو ضرب من ضروب التدبر ويُدلل على ذلك، ثم ضرب لنا أمثلة عن كيفية تثوير القرآن، وهذا أعدُّه من لطائف هذا الكتاب، وذكر بعد ذلك أوجه التثوير ومراحله، ثمّ المعينات عليه، وغير ذلك من الفوائد.
• (أن تجعل القرآن ربيع قلبي...): المطلب الشريف في أن يجعل الله القرآن ربيع قلوبنا، لما في القرآن العظيم من أثر في تحصيل السكينة، وزوال الهم والغم والقلق.
• (مجالس النور): يتحدّث المؤلف عن مشروع (مجالس القرآن)، واقتبس حديث الشيخ (فريد الأنصاري) عنه، ومن المعروف أن الشيخ الأنصاري لديه كتاب بهذا الاسم، وهذا الكتاب له ثلاثة أجزاء، ذكر (الشرقاوي) تفاصيل هذا المسلك التربوي لسلوك طريق النور بقصد التعرف إلى الله، وشرح ضوابط المجلس التي ذكرها (الأنصاري) رحمه الله في كتابه.
• (والقرآن حجة لك أو عليك!): " فالقرآن حجة لك أو عليك، فانظر إلى أيهما تصير"، أتى المؤلف على ذكر قصص السنة والصحابة والتابعين التي تبيّن لنا حُجيّة القرآن على العباد، وكيف يشهد بالخير لمن تعلّمه وعلّمه، كما أنّه يكون حجّة على من أعرض وتولّى عنه.
• (إنّا سنلقي عليك قولًا ثقيلًا): يعرض المؤلّف الفرق بين ثلاثة مصطلحات، يقع بسبب الخلط بينها -كما يقول المؤلف-، تجرؤ على كتاب الله، ونوع من القول على الله بغير علم، وهي: التفسير – التدبر – التأثر، ذكر أهمية علم التفسير وشرفه، والفرق بين التدبر والتفسير، وخطوات عملية لمريد التدبر، ثم التأثر أو (التدبر الوجداني)، وختم حديثه بتنبيهات هامة جدًا عن كتب التفسير.
• (لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام الله!): عناية السلف رضوان الله عليهم بكتاب الله أمر مرتبط بصدق اتّباعهم لهدي النبي صلى الله عليه وسلّم، بيّن لنا المؤلف جوانب ذلك التعاهد من محبتهم للقرآن وإقبالهم عليه، وعنايتهم به، ووجوه تلك العناية من تلاوة، وحزنهم إذا ضاع حزبهم وتداركهم له، وعنايتهم بحفظ القرآن، وقيامهم الليل به، وجميل اعتناءهم بتعلّم القرآن وتعليمه، وبذل الغالي والنفيس في سبيل هذا، كما اعتنوا بالقرآن وحملته فوقروهم وقاموا بحقوقهم، واعتنوا بفهم القرآن وحثّوا عليه واجتهدوا في ذلك أشدّ الاجتهاد، لم يكونوا ليتركوا أورادهم بل كانوا يقدمونها على غيرها، وكانوا يعملون بالقرآن تأسيًا بنبيهم، وكانت لهم أحوال ومواجيد عند قراءة القرآن، والاستماع إليه، وكانوا يحذرون أهل القرآن من الانشغال عنه.
• هذا الفصل تعيش مع المؤلف جنّة من قصص السلف في تعاملهم مع القرآن، وبيّن بالثابت عنهم كل معنى ذكره المؤلّف في هذا الباب، قصص تشوّق روحك الجدبى لريّ القرآن، وتحفّز همّتك بمن سبقوك كي تنال ثمرات تلك الجنّة التي لم يدخلها في الدنيا، عزّت عليه جنّة الآخرة، ويختم المؤلف حفظه الله حديثه بمتفرقات من أحوال السلف، وكلامهم عن القرآن العظيم، فأقبل وأنصت وعش وتشوّق.. ثمّ ذُق!
• (أفياء): فصل جميل لطيف، يظهر للقاريء أشبه ما يكون برحلة عملية للمؤلف نفسه مع القرآن، فيقول حفظه الله عن ذلك: "هذه بعض خواطر عرضت لي من بعض الآيات، أغلبها من باب الملح واللطائف، والقرآن موردُ يرده الخلق، وكل ينال على مقدار ما قسم الله له، نسأل الله أن يفهمنا القرآن، وأن يجعلنا من أهله، وقد قسمت على السور تيسيرً للاستفادة منها ".
• ثلاثة ملاحق: في نهاية الكتاب وضع المؤلف ثلاثة ملاحق، ولا أدري سبب كونهم ملاحق وليسوا في صُلب الكتاب، الملحق الأول بعنوان (علم التفسير وسؤال المنهجية )، وهو بحث قصير قيّم للغاية يُجيب فيه المؤلف على سؤال منهجية الطلب الصحيحة في مجال علم التفسير، والحقيقة أن المؤلف وضع برنامجًا قويًا للمُريد، وفصّل في الخطوات التي يمكن لطالب العلم أن يسلكها كي يرتقي الدرجات العُلى في هذا العلم الشريف، والحقيقة أن هذا المقال من القوة بمكان وهو منهجية حقيقية يحسن أن تتبنّاها المؤسسات والأفراد المعنية بعلم التفسير الشريف.
• يأتي الملحق الثاني بعنوان (منهاج في علوم القرآن وأصول التفسير)، وهو مقال منهجي على غرار المقال السابق، لكنّه وضع منهجية لعلوم القرآن وأصول التفسير، لكنه قصد هنا منهجية غير مريد التخصص، وكأنه يعني بذلك ما لايسع المسلم جهله في هذا الباب، بينما قدّم لمقالته بأن مناهج الطلب مبثوثة معروفة، وأنه ربما يراها مانعًا من الطلب في زماننا هذا ومعيقة لكثير من الطلاب، وهي نصيحة جديرة بالاهتمام والنظر.
• ختم المؤلف ملاحقه بالملحق الثالث والأخير بعنوان ( معالم ومنارات في كتب التفسير، وعلوم القرآن للمعاصرين، أحال فيه المؤلف الكريم على عدة مراجع مهمة جدًا، وإن لم يفعل هذا لما انتبه القاريء، لكنّه لمّا فعل فقد أكّد على غايته الأولى من إثارة الشوق لكتاب الله في نفس المسلم، وإعانته على التزام الطريق المبارك الشريف، خاصة بذكره تلك الكتب التي تُعد علامات في الطريق، مثل كتب الشيخ (فريد الأنصاري)، و(إبراهيم السكران)، و(مساعد الطيار) وغيرهم، أعود لأؤكد أن تلك الإحالات من فضائل كتابنا هذا (المشوّق إلى القرآن)، فلقدّ أدّى المؤلف الفاضل الشيخ (عمرو الشرقاوي) ما عليه وشوّق القاريء لكتاب الله، ثم أخذ بيده ووضعه على أوّل الطريق الذي ينبغي عليه أن يسلكه، وأتمّ جميله بتلك الإشارات النيّرة الجميلة للمراجع النافعة الجليلة.
• عن المؤلف والكتاب:
- في هذا الكتاب بلا شك، جهد بحثي مشكور للمؤلف، تقبّل الله منه، وتأمّلات قرآنية فيها من الفوائد الجمّة التي يتعين على المسلم أن يسعى في تحصيلها، قراءةً ومعرفةً وعملًا بمقتضى تلك المعرفة، إنّ حرص المؤلف على تشويق المسلم لكلام الله كان حرصًا مخلصًا سرت حرارته من قلب المؤلف وجعلها في ثنايا بحثه وكلامه ونقولاته، فبلغت تلك الحرارة قلوب المتلقّين، وبقي على من وفّقه الله لقراءة تلك الكلمات؛ العمل الفردي والجماعي للتطبيق الذي يتحصّل به النفع والثواب المرجو من الله.
- في الكتاب الكثير من الاقتباسات والنقول، والتي أوجبتها ضرورة البحث والكتابة، وإن كنت أرى أن بعض الاقتباسات كانت طويلة وتفصيلية إلى حدّ ما، ربما كان يُكتفى بالإشارة إليها للرجوع إلى المصادر الأصلية، وكنت قد راجعت الشيخ الكريم (عمرو الشرقاوي) صاحب الكتاب، في بعض الملاحظات على هذه الطبعة من الكتاب وبعض أخطاء العزو وغيره فيها، فأجابني بسعة صدر أنه قد تم تلافيها في طبعة ثانية، فجزاه الله عنّي وعن جميع المسلمين خير الجزاء، والله أسألك أن يتقبل سعيه وعمله خالصًا لوجهه الكريم.
-------------------------------------
• اقتباسات من الكتاب:
" التدبر: تجربة تخوضها، ونعيم تتذوقه، ومهما أخبروك عنه فلا بد أن تحياه بنفسك! ".
" هل تريد أن تكون من أهل الله؟! دونك الكتاب فانهل ".
" يا هذا! هذا كلام الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، فأقبل على كتاب ربك، أقبل عليه قبل أن تتحسّر! ".
" التالون للكتاب تلاوة حقيقية هم الذين يتبعونه في أوامره فيمتثلونها، وفي نواهيه فيتركونها، وفي أخباره فيصدقونها ويعتقدونها، ولا يقدمون عليه ما خالفه من الأقوال، ويتلون أيضًا ألفاظه، بدراسته، ومعانيه بتتبعها واستخراجها ".
" مهما استمعت إلى القرآن أو قرأته فأنت آخذ في الاهتداء بتنقية المحل، وتبديد ظلمته واستبدال النور به، وتخليته من الران الذي أكسبته إيّاه بنفسك!
حتى إذا نقّيت المحل وطهرته؛ كان الاهتداء بالقرآن بزيادة نور القلب، فيحصل التلذذ التام بحصول النور التام، ويحصل الاهتداء التام بعد زوال أثر المعصية زوالًا تامًا! ".
" أن تمتلك نفسك، فتقودها، ولا تملكك فتسحبك! ".
" إن القرآن مشروع العمر، وبرنامج العبد في السير إلى الله إلى أن يلقى الله! وليس المقصود أن تدرك الهدف كله، لكن يكفيك أن تموت وأنت على الطريق! ".
" القرآن راحة لقلبك، وسكون لنفسك في زمان القلق، السكينة المفقودة ".
" إنّ بعض ما يسميه الناس تدبرات وخواطر، إنما هي في الحقيقة ((أمنيات))= أي: أنه يتمنى أن تكون الآية كما يتمنى هو لا ما هي عليه على الحقيقة!!
فلتحذر من أن تحمل الآيات على ما تريد، فإنه اتباع للهوى، وقانا الله منه ".
View all my reviews
تعليقات
إرسال تعليق