مراجعة كتاب (( عبادة المشاعر )) ل ( ميشيل لاكروا )

عبادة المشاعرعبادة المشاعر by Michel Lacroix
My rating: 4 of 5 stars

• (( فلتهتزّ روحي لكل ذبذبات العالم ))..
إلى أي مدى تتحكم المشاعر في حياة الإنسان المعاصر؟ ، وإلى أي حدٍّ صارت المشاعر مقدّسة وتتّخذ شكلًا من أشكال العبادة اسمه "عبادة المشاعر"؟ يُحدّثنا (ميشيل لكروا) في كتابه عن عصر المشاعر، ويقوم بتحليل ظاهرة ( عبادة المشاعر ) تحليلًا نفسيًا فلسفيًا، ويعرض قضية تفضيل الإنسان المعاصر مشاعر الصدمة، أو المشاعر المتهيجة، في مقابل مشاعر التأمل والخشوع، وتفضيل الإنسان المعاصر لحالة الصخب على حالة الهدوء التي فضلها الإنسان فيما سبق.
• ينقسم الكتاب إلى مقدمة وثلاثة أجزاء وخُلاصة، الجُزء الأول بعنوان ( عودة المشاعر )، وينقسم إلى ستة فصول، أم الجزء الثاني فعنوانه ( المشاعر المحرفة )، وينقسم إلى ثلاثة فصول، والجزء الثالث والأخير عنوانه ( الاستعمال الصحيح للمشاعر)، وينقسم إلى ثلاثة فصول أيضًا.
• (مقدمة): تمهيد تاريخي بدأ منذ انطلاق الرومانسية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، المستجدات الآنية والتي تُعطي حصة مكثفة من الأحداث الدرامية، والتي قد لا تكفي فيحل محلها الثقافة التنشيطية المتمثلة في السينما والقصص الخيالية والصور المركبة وغيرها، كي تُصبح المشاعر بذلك أداة للتسويق يستغلها المتحكمون فينا من أجل التأثير بنا. العودة للمشاعر بشتى صورها تشكل ثروة وخطرا في ذات الوقت، فهي تخلق التوازن بين طبيعة الإنسان المعاصر (الأموسابيانس) والإنسان الحساس (الأموسنتيانس).
• يوضح المؤلف في مقدمته أن الإشكالية هنا ليست في العودة للمشاعر بحد ذاتها، وإنّما في كون الإنسان المعاصر يهتم بالمشاعر التي تتميز بالانفعالية أكثر من الأحاسيس التي لها طابع دائم، فيهتم بالإهاجات المبتذلة ويُهمل المشاعر التي تُثري روحه، وكما يقول المؤلف في تعبير لطيف: " حياته العاطفية مبنية على الحركية، لا على الخشوع، على الفعل، لا على التأمل ".
• الجزء الأول: عودة المشاعر:
• الفصل الأول: ( كل مشاعر العالم ): (( لا زال من الممكن الانبهار في عصرنا الحالي ))، يحدّثنا ( لكروا ) عن كيف صارت المشاعر أداة إشهارية، حيث أن المشاعر تشجع على البيع، وضرب على ذلك العديد من الأمثلة للإعلانات الإشهارية والحملات الدعائية، ثم يأخذنا المؤلف في حديثه ليصل بنا إلى الصورة الغادرة لعودة المشاعر، وتضخيم المشاعر المرفق بإساءة استعمالها، ويوضح أن هذا المنحى المزدوج لإعادة استكشاف المشاعر وإفسادها، هي موضوع هذا الكتاب.
• ثقافة الصورة، ثقاف المشاعر: ((الباحث عن الأحاسيس)) هو بطل عصرنا الحالي، يقول المؤلف عن استفزاز المشاعر في الدراما: " بصفة عامة فإن التلفزة تجلب الجمهور بإغرائه ((بلحظات مميزة من المشاعر )). مركزين على تسخين الباردين، وإخراج المنزوين من عزلتهم، وإقناع الممتنعين، يؤكد لنا المنشطون على أننا في طريقنا لنشهد خلال العرض المباشر، لحظة مميزة، جد مميزة من المشاعر ".
• مجتمع مبالغ في المشاعر: يقول المؤلف واصفًا الزمان الحالي: " مؤرخو المستقبل الذين سيشرعون في وصف حقبتنا التاريخية، سيخلصون إلى أنها كانت تتميز بطغيان المشاعر "، ثم يشرع في شرح مقصده، وكيف أقامت حركة العصر الجديد المعرفة على أساس المشاعر.
• السياسة محكومة بالمشاعر: تخضع السياسة أيضًا لعدوى المشاعر، ولهذا صور عجيبة تتمثل في الانفعالات العاطفية التي تحل في بعض الأحيان محل المعايرة الدقيقة ونقاش الآراء، ولم يفته الحديث عن سلوكيات بعض الرؤساء تحت اسم ((شخصنة السلطة)).
• الفصل الثاني: ( المشاعر، اختيار في غياب ما هو أفضل ): من السرد السابق للملاحظات، ينتقل بنا المؤلّف في محاولة إلى سبر أغوار تفسير الظاهرة، ويسأل: " ما هي أسباب هذا الرجوع إلى المشاعر؟ "، يذكر المؤلّف بعدها عدة أسباب قد تبدو لك غريبة في بداية ذكره لها، إلّا أنك لا شك تتفق معه عندما يخوض في تحليلها، مثل قوله إن السبب الأول هو: التعويض، حيث تشغل المشاعر الفراغ الذي كان سببه ((قاعدة الأمل)) كما سماها ( إرنست بلوش ).
• المشاعر بديلة للفعل: يرى المؤلف أن التقوقع داخل الحياة العاطفية جاء كنتيجة طبيعية لعجز الإنسان عن التحكم في عالم مرتبط بالتقنيات الحيثة والعولمة، وكأنه اختار الانفعال العاطفي الداخلي بديلًا عن التأثير الخارجي الذي لا يستطيعه، ووصف المؤلف هذا الفعل بحال المدمن الذي يهرب من الواقع في حالة تخديرية.
• الأجيال الرومانسية: يشبّه المؤلف حال الجيل الحالي، بالحالة التي وصفها ( ألفريد دي موسيه ) في كتابه ( شهادة طفل من القرن )، بعد سقوط (نابليون) في عام 1815، فهرب الفرنسيون في ذلك الحين من حالة الجمود المفروضة عليهم إلى حياة الروح، المختلفة عن الروح حاليا، فكما يقول المؤلف: " فقد كانت أقل هيجانًا، أكثر تأملا "، ثم ذكر المؤلف أن ذات السيناريو قد تكرر تاريخيًا، ليخلص إلى نتيجة واحدة، أن عصرنا أيضًا رومانسيًا لنفس الأسباب، فسبل الهروب إلى الإحساس والإفلات من عالم متصلب عن طريق الاهتزازات الداخلية، جعلتها عصرًا يغرس رومانسية المشاعر.
• المشاعر وعبادة النفس: يُشير المؤلّف إلى المعضلة الحقيقية في قضية المشاعر، وهي أن الإنسان لم يستخدمها كمهرب أو بديل فحسب، وإنما هي صارت مركز اهتماماته، كنموذج للحياة الكاملة وعبادة النفس، " الرجوع إلى المشاعر هو بالأساس تعبير عن النزعة الفردية المعاصرة ".
• الفصل الثالث: ((الأموسنتيانس)) هو النموذج المثالي لعصرنا: كل فترة من التاريخ لها نوع إنساني مثالي، وفي العصر الحالي، يمثل الأنسان ذون النزعة الفردية المتطرفة نوع الإنسان المثالي، وهو الإنسان الحساس ((الأموسنتيانس)).
• نمط العيش داخل المشاعر ومن خلالها: يذكر المؤلف صفات الإنسان الشعوري، فهو لا يخاف مواجهة مشاعره، كما أنه يلتزم بالذاتية، ويسير بحرصه عليها في طريق فلسفة لاعقلانية تتماشى كليا مع روح عصرنا، كما أن عبادة المشاعر وعبادة الجسد هما وجهان لثورة واحدة في العقليات.
• ما وراء العقلانية: يحاول أن يقيم الإنسان الشعوري رابطة إحساس مع العالم، فبالنسبة ((للأموسنتيانس))، تجربة الأشياء والكائنات لا تكون ممتعة إلا إذا روتها المشاعر.
• كوجيطو الإحساس: يصف المؤلّف لنا الصورة الدقيقة (للأموسنتيانس)، ويقارن بين تعامل الإنسان الحساس للوعي الذاتي، وتناول ( ديكارت ) له ولكن من وجهة نظر إدراكية، كان (ديكارت) يكتشف ((الروح المفكرة))، ومحتوى الوعي بالذات هو ما تعبر عنه كلمة كوجيطو، الكوجيطو الديكارتي كان عقلانيا، أما ممارسة الوعي بالذات من منظور عبادة المشاعر فلها معنى آخر مرتبط تمامًا بالإحساس، فكأنه بذلك تلميذا لروسو وليس لديكارت.
• التأمّل والشعور هل هما غير متوافقان؟ من الطرق اللطيفة التي تستهويني في الكتابة وعرض الأفكار؛ هي طريقة الاستفهام، وإثارة الأسئلة، والمؤلف هنا يثير هذا التساؤل ثم يجيب عليه: "للوهلة الأولى، التأمل والشعور يبدوان متعاكسان"، ولكن الحقيقة أن التأمل يُزيح المشاعر السطحية، ليُحل محلها المشاعر التي تأتي من نواة الشخص، يقول المؤلف: " قليل من التأمل يبعدنا عن المشاعر، كثير من التأمل يرجعنا لها ".
• شبح عدم التأثر: أحد الشخصيات الأكثر تعارضا مع ما هو مثالي للإنسان الشعوري تتمثل في الحكيم الرواقي، وهو النموذج الذي وضعه سنينك ومارك أورويل الذي كان يدعو للصبر وعدم التأثر ولامبالاة الروح كقواعد للحياة، وكان يدعو إلى تحكيم ((الروح العقلانية)) على ((المشاعر الرقيقة أو الشديدة للجسد)) في مواجهة الأحداث، يقول المؤلف: " إننا نعجز عن تقمص دور الفيلسوف الهاديء الذي لا يكدر صفوه شيء. مثالية مزاجه البارد هي في تناقض تام مع مثالية اندفاعنا العاطفي ".
• الفصل الرابع: "حرروا مشاعركم!": هي القاعدة، والأساس للانفتاح في عصرنا، ففي عصر ما بعد الحداثة، المشاعر هي الحدود الجديدة للنزاع من أجل الحرية.
• الكفاح ضد القمع الاجتماعي للمشاعر: يُحدّثنا الكاتب عن المراحل الثلاث للتحرر الشعوري، يقول المؤلف: " منحنى قمع الأحاسيس الذي استمر في الصعود منذ عصر النهضة وصل في أيامنا الحالية لنقطة الرجوع ليبدأ بالنزول.
• تحرير انتقائي: يعود المؤلف استكمالًا لحديثه عن التحرر الشعوري، فيقول أنه تحرر انتقاءي، أي أن الإنسان المعاصر يكرم بعض المشاعر ويحظر أخرى، في شكل من أشكال تشكيل معايير السلوك.
• العمل على الجسد، مقدمة للعمل على الذات: المرحلة الثانية من تحرير المشاعر، ((الإحساس بالجسد الذاتي))، والمقصود هو إيقاظ الحواس من أجل إيقاظ الحياة الشعورية.
• العلاجات النفسية والمشاعر: الإجراء الثالث لتحرير المشاعر، والذي يدخل في إطار العلاجات النفسية، كل هذا بغرض الوصول إلى التعبير الحر عن المشاعر، مثل قدرة الأطفال على فعل ذلك، وكما يقول المؤلف: " بإعادة صياغة عبارة روسو، يمكننا كتابة ((المشاعر تولد حرة)) "، ويصل المؤلف بينا في الحديث لقضية ((اللاوعي))، وما تعنيه هذه الكلمة في علم النفس المعاصر: "مجموعة المشاعر التي نمتنع عن التعبير عنها، فنعجز فيما بعد عن الإحساس بها"، ثم يتحدّث عن مسألة (الكبت)، ويتحدث عن أن ما ينخر الناس، على حد قوله، ليست هي المشاعر التي يحسون بها، ولكن تلك التي يرفضون الإحساس بها، لأنهم يخجلون منها أو لأنهم يخافونها.
• العلاجات هل يجب أن تكون شفوية أم غير شفوية؟ أولًا الوعي بعملية الكبت، وبعد ذلك مواجهته من أجل إعطاء رؤية شاملة لعبادة المشاعر، وأساليب العلاج النفسي في المرحلة الثانية تُصنّف في نوعين، شفوي وغير شفوي، الأول الكوجيطو الشعوري شفوي، وتحرير المشاعر يرتكز على التصوير اللغوي، اما المجموعة الثانية فتتبع طريقا غير لغوي، أو ما يسمى ب((العلاجات الجديدة))، والمشترك في أصحاب هذا الاتجاه نقطة الأحساس بالمشاعر بشدة قصوى وعيشها حقيقة مرة أخرى وعدم الاكتفاء بمجرد وصفها والحديث عنها.
• العلاجات الجديدة، رمز عبادة المشاعر: يرفض المؤلّف الحكم على القيمة العلاجية للأساليب المختلفة التي ذكرها، وأرجع ذلك للمختصّين، لكنها من وجهة نظر سوسيولوجية لاحظ شعبية هذه العلاجات الجسدية والشعورية، واعتبرها تأكيدًا على نظريته حول عودة المشاعر، وذكر مصطلح (الشامانيين) وهم الكهنة الساحرون في المجتمعات البدائية الذين يمارسون تقنية الترانس، يقول المؤلف: " الإنسان المعاصر لا يمكنه إلا أن ينجذب إلى هذا النوع من العلاجات التي تجمع بين العودة إلى المشاعر والعودة إلى الجسد "، ثم يصل إلى نتيجة مهمة وهي أن العلاجات الجديدة تشجع الميول اللافكري الذي يميز عبادة المشاعر، ثم يُنهي حديثه بأنه متفق إلى حد ما مع التحفظات التي يبديها أنصار العلاجات الشعورية حيال الكلام.
• التطهير بين البارحة واليوم: عملية التحرير الشعوري تثير مفهوم التطهير، والذي يُعرف على أنه ارتياح يأتي بعد حالة حادة من التوتر، وكان التطهير في السابق موجها لتفريغ المشاعر والتخلص منهم باعتبراها (سم)، كنوع من ضمان سيادة الإنسان المفكر على الإنسان العاطفي، أما حاليا فيتعاملون مع المشاعر كثورة والنشاط التطهيري يسمح لها بالظهور لا بهدف التخلص منها، وإنما بهدف الاستمتاع بها إلى أقصى حد، يقول المؤلف: " عبادة المشاعر تعمل على فرض تصور جديد للتطهير، يتلخص في القاعدة التالية: ((الهدف ليس هو التحرر من المشاعر، وإنما تحريرها)) ".
• الفصل الخامس: الصورة الجديدة للإنسان: بعد الحديث السابق عن كون المشاعر هي الشكل الذي تأخذه حاليا عبادة الأنا، يشرح المؤلّف في هذا الفصل كيف أن الظرفية العلمية تساهم في نجومية المشاعر.
• الصورة القديمة للإنسان: ماذا يخبرنا العلم عن المشاعر؟ بداية من سنوات الخمسينات والستينات، والتطور من عدم الاهتمام بالمشاعر او تناولها بمنظور اختزالي، حيث كان ينبغي أن تكون للمشاعر غاية عملية، وذكر المؤلف مثالًا لتلك التصورات متمثلًا في كتاب ((الحصان داخل القاطرة)) ل (آرثر كوستلر) الصادر في عام 1967، الذي يرى أنه يوجد بداخل كل واحد منا ((حصان)) عنيد، مباغت، مستعد للهيجان.
• عندما كان المجتمع يحلم بالتخلص من المشاعر: ما يميز الصورة القديمة للإنسان هي النظر للمشاعر على أنها واقع خطير، وحدثت تجاوزات مشاعرية في التاريخ جعلت (كوستلر) على سبيل المثال يقترح إلى العلاجات ويقول: ((الخلل البيولوجي الوظيفي يتطلب مصححا بيولوجيا))، إن الحلم الكبير لسنوات الخمسينات والستينيات كان هو مجتمع مبرمج، منظم ومعقلن، وهي أفكار ما قبل ظهور عبادة المشاعر.
• ظهور الأنثروبولوجيا اللاعقلانية: في عام 1973، (إدكار مورن) نشر كتابه (( الجزور المفقودة: الطبيعة الإنسانية))، فكان تتويجًا له كأب مؤسس لعبادة المشاعر، تدور أفكاره حول أن الإنسان لا يمكن أن يكون ((سابيانس)) بحق إن لم يكن في نفس الوقت ((دمانس)) أي مجنون، التفكير فقد مكانته في الأنثروبوجيا الجديدة المقترحة من طرف (إدكار مورين)، إذ لا شيء عظيم يمكن أن يتحقق بدون مشاعر، والأفكار العظيمة تنبع من القلب.
• المشاعر أساس الوعي بالذات: "إعادة تأهيل المشاعر ستكتمل لو أننا تمكنا من برهنة أنها تشكل كذلك أصل العملية التي تمكن الكائن البشري من قول ((أنا))"، تأتي تساؤلات (أنطونيو دماسيو) عن أصل الكوجيطو، والرد الفلسفي عليه، واعتراض دماسيو عليه، فالوعي بالذات عنده يبدأ ببساطة من الجسد.
• الفصل السادس: الكاتدرائيات الشعورية: بعد النظر للمشاعر على أ،ها تجربة فردية، يأتي هذا الفصل لدراسة الدور التواصلي والاجتماعي لها، وكيف أنها تساهم في (( الاهتمام بالأخر)).
• تقاسم المشاعر: التجمعات البشرية لمشاركة الغبطة الجماعية، وأمثلة عليها من أحداث وقعت في عام 2000، أحداث تشهد على أننا بحاجة إلى عيش مشاعر جماعية، فالتجمعات العاطفية علامة على وجود طاقة مستعدة للتحرر مع أي حدث وللتشبث بأي موضوع، يقول (ألفريدو دي موسي): ((مهما يكن الحدث المتسبب، المهم هو الشعور بالنشوة)).
• المشاعر تنقذ الرابط الاجتماعي: عن أسباب سرعة اشتعال الإحساس الجماعي، يتحدث المؤلف في هذه النقطة، والسبب يكمن في الحاجة لتوطيد الرابط الاجتماعي، فالنفس الجماعية على غرار النفس الفردية تحتاج للحماس، خاصة مع غياب التكافلات القديمة في العمل والجماعة.
• الميول الاجتماعية في ((ما بعد الحداثة)): رغم ندمه أحيانا على اضمحلال الرابط الاجتماعي، فإن الإنسان المعاصر ليس مستعدا للقيام بتضحيات كبيرة من أجل علاجه، لأنه يفضل الحفاظ على خصوصياته الفردية.
• الرجوع للمشاعر والرجوع للقيم: الكثير من الأحداث التاريخية تكشف تداخل المشاعر والأخلاق، موت ديانا، شغف الناس لرؤية فيلم تايتانيك، وتتبع المؤلف لأثر جميع تلك الأحداث وعلاقة ذلك بفكرة الكاتدرائيات العاطفية.
• الجزء الثاني: المشاعر المُحَرَّفة
• الفصل السابع: شره الأحاسيس القوية: يبدأ الفصل بتساؤل: " هل لازلنا نقوم بتوظيف المشاعر توظيف صحيحا؟ "،
• حب الإفراط: حقبة تميل إلى المبالغة، وتفضيل المشاعر القوية على حساب المشاعر الهادئة، هل نحن حقا بصدد العودة إلى طبيعتنا ككائنات حساسة، أم نحن مجرد هستيريين خاضعين لأحاسيسهم؟
• عزلة الباحث عن الأحاسيس: شره الأحاسيس القوية يؤدي إلى تردي الأحاسيس الذاتي وأيضًا إلى إتلاف العلاقات بين الأشخاص، ويتساءل: " ألا يؤدي إدمان الأحاسيس القوية بصفة نهائية إلى الانغلاق داخل العزلة؟ "، إن الباحث عن الاحاسيس القوية هو أساسا نرجسي، لا يحتاج إلى الآخر لتحقيق حلمه بحياة عالية التوتر، ويتوصّل المؤلف بالتحليل إلى أن: "المشاعر تضعف من جهة عندما تنحصر في الانفعال، ومن جهة أخرى عندما تعيق التواصل مع الآخر".
• التهييج الزائد: وهو التهييج الحواسي، سمعي أو بصري، يقول المؤلف عنهم: "هؤلاء الشباب المحبوسون داخل فقاعة صوتية هم غائبون عن العالم"، كما يؤكد أن حاسة البصر أيضًا معرضة كذلك للتهييج الزائد.
• استغلال الجغرافيا: المقصود بها حالة طواف العالم بهدف استخراج أقصى ما يمكن من الأحاسيس، هؤلاء الذين يرغبون في التعرض للمغامرات الكبرى، الإحساس بالموت لديهم أيقظ إحساسهم بالحياة، والأخطار التي تعرضوا لها أعادت لهم الرغبة في الحياة.
• الإثارة المنحرفة: المادة المخدرة الأكثر ضررا بإحساسنا: إنها الإثارة المنحرفة، فالمنحرف يُجني متعة لا متناهية من الغنيمة التي ينزعها من إحساس الغير بالخوف والفزع منه، وهذا قد يحدث في السينما كما يفعله المجرمون في الحقيقة.
• الفصل الثامن: مشاعر الصدمة ومشاعر التأمل: الصور التي سبق للمؤلف ذكرها من التهييج الزائد وحالات الترانس الشامانية، واستغلال الجغرافيا والإثارة المنحرفة هي الصور الأربعة للانحلال، حسب قوله، وهي المواد التي تقتل الإحساس ببطء وثبات، مما سيجعل المؤلف يدقق التحليل، بإدخال التمييز بين نوعين من المشاعر.
• التنهد والصرخة: مشاعر التنهد عبارة عن سيلان، بينما الصرخة عبارة عن انفجار، وهذان النوعان يتعارضان تعارض الارتجاج مع الخشوع، والإحساس القوي مع الموقف التأملي، هي مشاعر الصدمة في مقابل مشاعر التأمل.
• الفعل والتأمل: مشاعر الصدمة مرتبطة بافعل، فهي تمكننا من التحرك دون حاجة لإضاعة الوقت في التحليل، بينما مشاعر الإحساس تعبر عن توجهنا إلى العالم في وضعية تأملية.
• التفاعل في الداخل: عن نوعي المشاعر يكمل المؤلف حديثه، فيقول أنهما "يتميزان بالعلاقات التي تجمعهما مع الحياة الباطنية، فمساهماتهما في إغناء الأنا وفي ثقافة الروح ليست متساوية"، ولكل منهما خصوصية تميزه.
• انقلاب ((الصيغة الشعورية)): الإنسان المعاصر يفضل المشاعر المتفجرة على الأحاسيس المخففة، ويعاني في نفس الوقت من تهييج زائد وإحساس منعدم.
• الفصل التاسع: تهييج زائد مع إحساس منعدم: تفضيل مشاعر الصدمة هو أصل الشر الذي ينخر النفسية المعاصرة، ويؤدي إلى الإصابة ب((متلازمة فقدان الإحساس))، ثم يذكر لنا المؤلف صفات هذه المتلازمة.
• داء القرن الجديد: الخيال أصبح فقيرا، الأحاسيس القوية تخدّر الحس، يقول المؤلف: " نحن نسكن بقلب فارغ عالما مليئا، عبادة المشاعر تعوض الإفراط في الإحساس بحس الإفراط. إنه داء القرن الجديد ".
• من الإنسان الرومانسي إلى الإنسان النشيط: عن أن عبادة مشاعر الصدمة تعطي قيمة للحظة الحالية، الشرط الأساسي للباحث عن الأحاسيس هو الحيوية.
• الفن بين السمو وأسلوب الصدم: الفن المعاصر أيضًا لحقه الجنون العاطفي، وهاجس التجديد يقود إلى الشذوذ والقبح والهلوسة.
• هل هي نهاية العاطفة؟

View all my reviews

تعليقات

  1. هل هي نهاية العاطفة؟ تتسم حقبتنا بالمشاعر وليس العواطف، فالعواطف تؤدي إلى الخضوع، بينما تولد المشاعر الحركية والحرية، العواطف تَستهلك، المشاعر تُستهلَك، الناس حاليا تهرب من الارتباط الحصري والتعاقد المطلق، وتفضل المواقف العابرة والروابط الهشة.
    • الجزءالثالث: الاستعمال الصحيح للمشاعر
    • الفصل العاشر: الجاهزية أو فن الإحساس: في حديث المؤلف عن الرجوع إلى الإنسان الحساس، يُخبرنا عن وجوب الانتقال من تحليل الداء، إلى البحث عن العلاج ومعرفة ما هو الاستعمال الصحيح للمشاعر، ولن يتم تأهيل الإحساس المريض، إلا بتعويض ثقافة مشاعر الصدمة بمشاعر التأمل.
    • التمهل يعلم الإحساس: بإعطاء الوقت للذات وإبطاء وتيرة الحياة.
    • السماح بكينونة الكائن: إن سماحنا للكائن بالكينونة يكسبنا، بمفارقة، إمكانية الكينونة أكثر.
    • الفصل الحادي عشر: الإنسان غير الجاهز: تحليل عراقيل طريق الجاهزية.
    • خطر الغيرية: "إننا نفضل أن نضغط على العالم على أن نتركه يضغط علينا"، " إننا نخشى التورط بتماسنا مع الآخر"، الغيرية تخيفنا لأنها تملك القدرة على تحريكنا وبالتالي إحداث التغيير.
    • وهم الاستقلالية: عائق الاعتقاد باكتفائية الذات، بالاعتراف بعدم كمالنا ونقصنا.
    • الروح والجماليات الخارجية: ثروة الحياة الباطنية هي انعكاس ((للحظات عالية الجودة)) التزمنا فيها بالجاهزية، ثم يحكي لنا المؤلف قصة جرة الذهب اللطيفة.
    • الفصل الثاني عشر: شيء من الإعجاب: "الشعور يُثرينا عندما يتضمن ميلا نحو الإعجاب"، الإعجاب خليط من المشاعر ومن الفضائل، ومن اللطيف في هذا الفصل حديث المؤلّف عن تلوث الذوق وعلاجه.
    • أول انفعال للروح: الإعجاب ثروته لا تنقطع من نظرة واحدة، ولكن تتكشف بارتياد صبور وقراءة تدريجية.
    • الباطنية والروحانية: للإعجاب خاصية تحويل الحياة الباطنية إلى حياة روحانية.
    • من أجل رجوع إلى الإعجاب: الروح لا تتفتح إلا إذا كانت ((روحا تتعجب)).
    • الإعجاب يربي المواطنة: تقديس الإعجاب هو ما يدعو إليه هذا الكتاب، ويفترض المؤلف أنه بعودة الإعجاب المربي الرئيسي للإحساس، سيحفز ذلك الروحانية، ويعزز الرابط الاجتماعي، قوة الإعجاب تكمن في جمع الكائنات داخل مجتمع روحاني، فليكن الناس (إبسيتاريون) معجبون بكل جميل.
    • خلاصة: فك الارتباط بين الإحساس والاهتياج: يصل المؤلف بنا إلى نتيجة نهائية، وهي أننا نحتاج إلى شاعرية حقيقية وليس إلى أدرينالين، لفسخ العقد البائس بين الإحساس والاصطناعية، لإصلاح القدرة على الاهتزاز لكل ما هو طبيعي، فتحرير المشاعر يكون بتخليصها من كل ما هو زائف ومشوه وفاسد.

    ردحذف
  2. • اقتباسات من الكتاب:
    " في إطار انهيار الإيديولوجيات وضبابية الرؤى المستقبلية، اللجوء للحياة العاطفية يعد علاجًا للارتباك. لم يعد هناك مشروع ضخم بإمكانه أن يحركنا. طاقاتنا محرومة من متنفس لها في الوسط السياسي. وبما أنه يتعذر عليها الانتشار في الخارج، فإنها تتركز في المحيط الداخلي، تتخمر، ونتيجة هذا التخمر هي المشاعر ".
    " فبسبب اليأس في القيام بعمل سياسي ضخم، يكتفي الكثير من الناس بالمشاركة في الحياة العامة على الطريقة العاطفية للتنديد السياسي المحض والعادي. المشاعر هي وسيلتهم في النضال ".
    " المشاعر كانت بمثابة ((الإفلات العجيب)) الذي يمكن من نسيان خذلان العالم ".
    " عالم حيث لا شيء عظيم يمكن فعله أو قوله، حيث أقصى ما يمكن القيام به هو الشعور والتفكير بعمق بأشياء عظيمة ". حياة فيكتور ألفييري.
    " عبادة المشاعر هي التعبير الأقصى عن الانفرادية، وتمثل قمة تقديس الأنا. بالنسبة للإنسان المعاصر، أي مشروع للانفتاح يمر حاليا عبر تجديد (( الإمكانيات الشعورية )) ".
    " الكبت لا يشكل بالطبع حلا مُرضيا. فعلى الرغم من إنكارها، تبقى المشاعر حاضرة. إنها تتخمر. تحت الغطاء الواقي للدفاعات النفسية، تمارس ضغطا صامتا وشديدا، فتصبح شيئًا فشيئًا مَرَضية، ويصبح الشخص معذبا بالخوف من الإحساس بالمشاعر، فيخشى أن تقوم باكتساحه وغمره، ويخاف من إطلاق العنان لها".
    " أحد الدروس الثابتة في علم النفس السريري، والذي هو أيضًا من مسلمات ثقافة المشاعر، يقول إن العذاب النفسي لا يأتي من الأحاسيس التي نعبر عنها، ولكن من تلك التي نبذل مجهودا لكبتها. ما يضر بالتوازن المعنوي ليس هو امتلاك شعور ما، ولكن عدم القدرة على الإحساس به ".
    " آرثر جانوف يختزل فلسفة الحرية الشعورية هذه في مقولة قوية: ((الداء هو إنكار الأحاسيس، الدواء هو الإحساس بها)) ".
    " الكلام ليس دائمًا حليفًا للمشاعر. إنه سيف ذو حدين ".
    " هكذا هي جاذبية المشاعر الجماعية، إنها تكرم في آن واحد حاجة الانتماء إلى القطيع وحاجة الانفرادية، إنها تمتع معاصرينا برابط اجتماعي كثيف، دون الخضوع لضغط المجموعة. فهي تقترح نموذجا مثاليا للتجمع المؤقت، بهندسة متغيرة، مع حرية القبول أو الرفض. نعم لتلاحم الأشخاص ذوي أحساسيس الانتماء الحارة، لا للارتباطات الصارمة والنهائية. هذا اللعب المزدوج على وتر ما هو التحامي، ووتر ما هو فردي، على المشاعر الجماعية والمشاعر الذاتية؛ يعلن عن طبيعة الميولات الاجتماعية في ما بعد الحداثة ".
    " الأحاسيس المبعثرة أصبحت تتفوق على التأمل. سم الإفراط ينخر داخلنا. الحياة العاطفية بنفس الطريقة التي تطبق بها مبدأ الحرية ((حرروا مشاعركم))، تطبق كذلك مبدأ الشدة الذي يقوم على معايير قصوى. "دائما المزيد من الإثارة والاهتزاز والغضب)) هذا هو شعار حقبتنا ".
    " فيما تساعد مشاعر الصدمة على الباقء على قيد الحياة، تمكن مشاعر التأمل من الاستمتاع بنكهة العالم. الاولى هي اداة الجسم الفاعل، الثانية مرتبطة بالقلب المنفتح ".
    " هذا هو اللب الحقيقي للمُعاصرة. العمل الفني ذو الطابع الكلاسيكي، لموجه لإيقاظ مشاعر التأمل، يحرص على خلق الإعجاب، ويصبو إلى الجمال لفتح معبر نحو الحياة الباطنية. المُعاصَرَة، على العكس من ذلك تسعى لإحداث ردة فعل من نوع مشاعر الصدمة ".
    " خلال عملية القراءة، تتشكل الصورة الذهنية بصفة تدريجية.فبخلاف الصورة الخارجية التي تنبعث كاملة التكوين، تحتاج الصورة الداخلية إلى الوقت، ويساعد بطء نضجها على ظهور مشاعر عميقة تتفاعل مع الحياة الباطنية ".
    " اكتساب خاصية التأمل يتحقق من خلال إعادة الاعتبار للأشياء الصغيرة ".

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة